مناطيد التجسس الامريكية التي ازعجت و استنزفت السوفييت لعقود .. !!

منطاد تجسسي منطاد استطلاعي منطاد تصوير بالون تجسسي بالون حربي منطاد حربي منطاد عسكري بالون عسكري Balloon launched on 1960  from USS Valley Forge CV-45 Project Skyhook  Project Gopher

قبل اشهر من نهاية الحرب العالمية الثانية قامت اليابان بأول قصف جوي عابر للقارات .. من اراضيها الى الاراضي الامريكية بمسافة بلغت اكثر من 8000 كم .. كان ذلك من خلال بوالين (مناطيد) اطلق عليها Fu-Go تطير على ارتفاعات عالية في طبقة الستراتوسفير و مسلحة بقنابل .. كان الابداع الياباني بهذا السلاح هو بطريقة الحفاظ على طيران البالون على ارتفاع عالي بين 9-12 كم ليمكنه من البقاء في طبقة الستراتوسفير و ركوب التيار الهوائي النفاث فيها الذي اكتشفه عالم ارصاد ياباني و الذي يمر عبر سماء اليابان و يعبر سماء امريكا ايضاً .. ليوصل البالون الذي يحمل القنابل بعد قطعه مسافة تزيد عن 8000 كم خلال رحلة تستغرق 3 ايام تقريباً لوصول الاراضي الامريكية حيث من المفترض ان يلقي بقنابله هناك لتدمير الابنية و حرق الغابات رداً على قصف القاذفات الامريكية للمدن اليابانية ..

 

لم يحقق اليابانيين الضرر الكبير المنتظر من تلك البوالين (المناطيد) الهجومية التي اطلقوها على امريكا و التي بلغت اكثر من 9000 بالون ناري خلال بضع شهور فقط .. و قاموا بايقافها في شهر 4-1945 (كانوا بدأوا اطلاقها في شهر 11-1944) ..

 

لم يخطر ببال الامريكيين بداية ان مواقع اطلاق البالونات هي الاراضي اليابانية .. كانوا يعتقدون انها تطلق من غواصات يابانية في المحيط ..  و لكن بتحليلهم لنوع الرمل الذي ملئت به الصابورة (اكياس الرمل التي تم تثقيل البوالين اليابانية بها) عرف الامريكيين انها تطلق من احدى الجزر اليابانية ..

 

و قد حصل الامريكيين على بعض البوالين النارية اليابانية سليمة و لم تنفجر .. و قاموا بدراستها لمعرفة آلية عملها للاستفادة منها لاحقاً في الابحاث العلمية لطبقات الغلاف الجوي .. و ايضاً للتجسس على خصمهم اللدود الجديد .. الاتحاد السوفييتي .. (موضوع مفصل عن بالونات القنابل اليابانية هنا)

منطاد فو غو الياباني .. منطاد قنابل الياباني .. بالون القنابل الياباني فو غو - البالون الناري الياباني - بالون النار Fu-Go balloon bomb 風船爆弾  ふ号 兵器
احد بوالين Fu-Go النارية اليابانية

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ظهر الاتحاد السوفييتي كخصم للغرب .. و احاط نفسه بستار حديدي من الرقابة و العزلة جعل من الصعب على الغرب الحصول فيه على معلومات عن مشاريع تسلحه .. خاصة بعد تطويره للسلاح النووي 1949 و بدئِه لمشاريع الصواريخ البالستية لاحقاً ..

 

رغم ان الامريكيين استولوا على بيانات سلاح الجو الالماني في الحرب العالمية الثانية و التي كانت تتضمن صور طلعات طائراتهم الاستطلاعية .. الا انها لم تكن تتضمن سوى صور للجزء الاوربي من الاتحاد السوفييتي .. و كان الامريكيين بحاجة لتحديث بياناتهم الاستطلاعية و خرائطهم عن السوفييت ..

حاول الرئيس الامريكي ايزنهاور اقناع السوفييت بالموافقة على اتفاقية الاجواء المفتوحة عام 1955 و التي تضمن السماح بطلعات استطلاعية في سماء بلديهما .. و لكن الزعيم السوفييتي خروتشوف رفض ذلك ..

 

مع غياب الاقمار الصناعية التجسسية التي كانت لا تزال بعيدة تقنياً .. لم يبق للامريكيين سوى اختراق المجال الجوي السوفييتي للحصول على ما يريدون من صور جوية .. 

 

حاولت الولايات المتحدة و الغرب القيام بطلعات جوية بالطائرات الاستطلاعية للقيام بعمليات تجسس الكتروني و تصوير للاراضي السوفييتية لمعرفة ما يدور هناك .. و لكن تلك الطلعات تعرضت بمعظمها لعمليات الاسقاط و بعضها انتهى بمقتل عدد كبير من الاطقم .. ناهيك عن انه حتى الطلعات الاستطلاعية الناجحة لم تتمكن سوى من تصوير عمق محدود من الاتحاد السوفيتي و ناهيك عن الازمات السياسية التي كانت تسببها .. (اهم الطائرات الاستطلاعية حينه RB-50G و  RB-47E و PB4Y-2  و  P2V Neptune و  B-57 Canberra و  ERB-47H) ..

 

عام 1947 كان لدى سلاح الجو الامريكي مشروع سري بإسم Mogul هدفه التجسس الصوتي على سماء الاتحاد السوفييتي من آلاف الكيلومترات من خلال بالون يحلق على ارتفاع عالي مزود بمستشعرات صوتية بغرض كشف اي تجارب نووية يقوم بها من خلال الموجات الصوتية التي تحدثها التفجيرات النووية و التي تنتقل عبر الغلاف الجوي العلوي .. بالاضافة لكشف التجارب الصاروخية البالستية السوفيتية من خلال الموجات الصوتية التي تخلقها اثناء تحليقها في الغلاف الجوي العلوي ..

(كما كل مشاريع البالونات التجسسية الامريكية كان الغطاء بحثي و علمي .. و كان مشروع Mogul فكرة العالم الفيزيائي الامريكي Maurice Ewing الذي كان اكتشف قناة SOFAR الصوتية تحت المحيط يمكن سماع الاصوات داخلها من آلاف الكيلومترات .. و اعتقد بوجود قناة مشابهة في طبقات غلاف الجو العليا) .. تقرأون عن قناة SOFAR بتفصيل هنا ..

 

كانت بوالين المشروع Mogul مصنوعة من البولي إيثيلين و مزودة بمستشعرات صوتية و مرسل بيانات لمحطة ارضية تستقبل و تسجل ما تتلقاه .. كما رٌبطت بها عدة عواكس زاوية ليمكن كشف موقع البالون عبر الرادار و تتبعه (قبل ان تصبح متابعته لاحقاً عبر الاشارات اللاسلكية للمرسل) .. كانت طلعات بوالين Mogul فوق الاراضي الامريكية فقط .. و قد اوقفت في اواخر عام 1948 بعد تنفيذ عشرات عمليات اطلاق البوالين التي توصف انها حققت نجاح لحد ما رغم آليتها المعقدة .. و حل محلها مراكز الرصد الزلزالي و عينات الهواء المتساقط كطرق اكثر موثوقية و اقل كلفة و اسهل في التشغيل لكشف التجارب النووية السوفييتية .. (و تسبب هذا المشروع بخلق العديد من قصص الصحون الطائرة لدى الشعب الامريكي .. و احداها راح ضحيتها احد الطيارين الحربيين الامريكيين الذي طارد بالون على انه هدف مجهول عالي الارتفاع و حاول بلوغ ارتفاعه و لكن اغمي عليه و سقطت طائرته و قتل .. و لم يكشف رسمياً عن سر تلك "الصحون الطائرة" الا بعد زمن طويل) ..

Project Mogul モーグル計画  balloon بالون تجسسي منطاد تجسسي  Project Moby Dick (MX-1498)
احد بوالين مشروع Mogul يتم تجهزه للاطلاق .. و يظهر العواكسة الراداري المعلقة به ليسهل متابعته من الرادار و في نهايته المستشعرات الصوتية
في نفس الفترة كانت البحرية الامريكية تملك مشروع بوالين Skyhook لابحاث الغلاف الجوي و الارصاد الجوية و تحت غطاء هذا المشروع تفرعت عدة مشاريع عسكرية لبوالين تجسس على الاتحاد السوفييتي مستندة على طريقة عمل بالونات القنابل اليابانية Fu-Go .. بركوب التيار النفاث المار فوق الاتحاد السوفييتي .. من الشرق الى الغرب و من الغرب للشرق حسب اوقات نشاط تلك التيارات الهوائية النفاثة ..

 

اول مشاريع البالونات العسكرية من Skyhook كان مشروع Gopher و الذي بدأ عام 1950 بتنفيذ طلعات لنسخة بالونات Skyhook بحمولات تجسسية .. و عرفت تلك البالونات بالترميز MX-1594 Gopher و كانت تحمل كاميرات لتصوير الاتحاد السوفييتي على ارتفاعات عالية فوق قدرة الدفاعات الجوية و المقاتلات السوفييتية .. (كانت رحلات بالونات Gopher تتم تحت غطاء مشروع Moby Dick MX-1498 الذي يستخدم بالونات Skyhook بغرض ابحاث الرياح على ارتفاعات عالية) ..

 

و في عام 1953 تم تطوير بوالين مشروع Gopher الى البالون التجسسي الاحدث WS-119L و الذي اصبح جاهز للخدمة التشغيلية عام 1955 .. و قد زود بحاضن استطلاع AN/DMQ-1 يحوي كاميرتين (كاميرا من كل جانب موضوعة بزاوية 34.5º عن خط الافق للاسفل .. يمكنها تصوير منطقة بعرض 80 كم تقريباً) بالاضافة لكاميرا ذات عدسة واسعة الزاوية لتحديد الموقع العام للصور لتحديد السمت و الارتفاع لكل من الصور الملتقطة لاحقاً اثناء التحليل .. و كانت الكاميرات الرئيسية مبرمجة لاخذ صور بشكل تلقائي بفاصل زمني 6 او 12 دقيقة و يمكنها التقاط حتى 500 صورة .. و كانت جندولة البالون (المنطاد) تحوي حساس كهروضوئي يقوم باطفاء الكاميرات عندما يصبح ضوء النهار خافت و تعود للعمل في اليوم التالي مع عودة ضوء النهار .. و كانت البالونات مزودة بمفاتيح ضغط جوي تتحكم بغاز البالون لضبط الارتفاع من خلال التحكم بأثقال التوازن -الصابورة- .. (كان ارتفاع البالونات يرتفع نهاراً نتيجة تمدد الغاز داخل البالون بسبب اشعة الشمس .. و ينخفض الارتفاع ليلاً نتيجة تقلص الغاز .. و عند الانخفاض اكثر من اللازم كانت مفاتيح الضغط تفعل آلية التوازن لرمي الصابورة -اثقال التوازن- لاعادة الارتفاع للوضع الطبيعي) ..

Project Genetrix AN/DMQ-1  WS-119L  WS-461L    Skyhook و Project Mogul و Project Grandson
حاضن التصوير AN/DMQ-1 في البالون التجسسي WS-119L

و قد بدأ الامريكيين طلعاتهم ببالونات (مناطيد) WS-119L التجسسية عام 1956 فوق الاتحاد السوفييتي و اوربا الشرقية و الصين .. و كما العادة كانت تطلق تحت غطاء برامج بحثية و علمية متفرعة من مشروع Skyhook .. و هذه المرة باسم رمزي جديد .. مشروع Genetrix .. و الذي كان مخططاً ان يطلق خلاله 2500 بالون تجسسي من نوع WS-119L .. على ارتفاعات بين 15-25 كم .. 


اطلق الامريكيين 10-40 بالون في اليوم من قواعدهم في تركيا و اوربا و اليابان .. و استمر مشروع Genetrix من 10-1-1956 الى 6-2-1956 حيث امر الرئيس الامريكي ايزنهاور بايقافها بسبب ما سببته من احراج دبلوماسي بعد تقديم السوفييت احتجاجات على اختراق مجالهم الجوي .. و قد بلغ عدد البوالين المطلقة خلال هذه الفترة 516 بالون WS-119L منها 117 واجهت مشاكل في بداية الرحلة .. و 399 بالون اكمل رحلته باتجاه اراضي الاتحاد السوفييتي و الصين .. وصل منها 44 بالون بعد انجاز مهمته و استعيد الصور من 40 منها و قد غطت ما مساحته اكثر من 2.8 مليون كم2 تقريباً من اراضي الصين و الاتحاد السوفييتي .. و كانت تلك الصور افضل و اشمل ما تم تصويره فوق الاتحاد السوفييتي بعد الحرب العالمية الثانية قبل عصر الاقمار الصناعية ..

WS-119L balloone
احد مناطيد WS-119L التي اسقطها السوفييت عام 1956 .. و على يسار الصورة يظهر تكوين جندولة المنطاد التجسسي WS-119L
كان البالون WS-119L ذو ضغط صفري بسماكة 0.05 ملم .. يحمل بود كاميرات و بطاريات و جهاز ارسال راديوي لتتبع البالون يتم تشغيله بمؤقت زمني يفعّل عند وصوله منطقة الوصول المفترضة .. و كان يتم استعادة الكاميرات عند وصولها لمنطقة الاستعادة من خلال اسقاطها من البالون بأوامر راديوية لتهبط بواسطة مظلة  .. و تلتقطها جواً طائرات C-119 معدلة لهذه المهمة و مزودة بمعدات تمّكنها من الامساك بالمظلة اثناء هبوطها و سحبها لداخل الطائرة .. و في حال الفشل الاستعادة جواً كانت تستعاد من خلال سفن منتشرة بمنطقة طيران البالون .. (كثير من البالونات لم يكمل رحلته سواء بسبب الاسقاط من قبل الدفاع الجوي و المقاتلات السوفييتية ان تم اكتشافه و كان ضمن مداهم .. او بسبب السقوط نتيجة فقدان الارتفاع بسبب تسرب الغاز او الانفجار نتيجة الارتفاع بسبب تمدد الغاز) ..

C-119 balloon
صورة توضح آلية الاستعادة من خلال طائرة C-119

توقف البالونات (المناطيد) التجسسية الامريكية كان مؤقتاً .. فبعد عام و نصف تقريباً بدأوا باستخدام نسخة اكثر تطوراً من البالونات التجسسية و هي بالونات WS-461L .. التي تتمتع بسمك اقل ما يجعله صعب الكشف من قبل الرادارات و بقدرات تحليق اعلى تصل الى فوق 30 كم و بقدرة بقاء في الجو اطول (شهر تقريباً مقارنة بمدة 7-10 ايام للنسخة السابقة WS-119L) .. كما انها جُهزت بكاميرات HYAC-1 ذات دقة اكبر و زاوية تصوير اوسع .. و زودت هذه البالونات بقدرات موازنة اكثر تطور للحفاظ على كمية الغاز بأقل استهلاك للصابورة -ثقل التوازن- للحفاظ على الارتفاع العالي طوال الرحلة .. و كانت الكاميرات تستعاد بطريقتين اما باسقاط الكاميرات بأوامر راديوية لتستعاد بمظلة او تسقط بشكل مبرمج من خلال مؤقت محسوب ليتم الاسقاط فوق اراضي الحلفاء ..

و بينما كانت بالونات WS-119L تعبر بركوب التيار النفاث الشتوي فوق الاتحاد السوفييتي من الغرب الى الشرق .. فإن بالونات WS-461L ركبت التيار الصيفي الاعلى ارتفاع .. و العابر من الشرق الى الغرب فوق الاراضي السوفييتية ..

و قد بدأ الامريكيين اطلاقها هذه البالونات من جديد في ربيع عام 1958 من على متن احدى حاملات طائراتهم المنسقة و التي اصبحت تستخدم كمنصة بحرية لاطلاق بالونات التجسس من المحيط الهادئ باتجاه الاتحاد السوفييتي .. و كالعادة تحت غطاء علمي و هذه المرة باسم رمزي جديد المشروع Melting Pot .. 

و لحسن حظ الروس .. في احدى الرحلات في شهر 7-1958 حصل خطأ بشري من خلال برمجة آلية اسقاط الكاميرات بالمظلة بشكل خاطئ على توقيت 400 ساعة من بدء الرحلة و هو المؤقت الذي كان معتمد في رحلات شهر 6-1958 لان التيار الصيفي كان يضعف و يحتاج وقت اطول للوصول .. ما ادى لاسقاط الكاميرات فوق الاراضي البولندية و وقوع الكاميرات الحديثة بأيدي السوفييت (كاميرات HYAC-1 المزود بها البالون WS-461L هي الاساس التقني لكاميرات اول قمر صناعي تجسسي امريكي) ..

و قد استخدم السوفييت احد الافلام السليمة التي حصلوا على من كاميرات البالونات التجسسية التي سقطت او اسقطت على اراضيهم في رحلتهم الفضائية Luna-3 لاستكشاف الجانب البعيد للقمر عام 1959 .. حيث كانت تواجههم مشكلة عدم وجود فيلم مقاوم للحرارة و مقاوم لاشعاع الغلاف الجوي .. و كان الحل بأفلام كاميرات بالونات التجسس الامريكية المصممة لمقاومة ذلك .. 

 

رغم توقفها المعلن ضمن البرنامج "العلمي" عام 1961 بعد حالات السقوط .. الا انها استمرت العمل بشكل سري لسنوات لاحقة .. و حسب المواقع الروسية لم يتوقف الامريكيين عن ارسال البوالين (المناطيد) التجسسية حتى شهر 11-1983 .. 


كانت تلك البوالين التجسسية وسيلة رخيصة لتصوير الاراضي السوفييتية و كانت كلفة تصوير الميل المربع بحدود 48 دولاراً .. سببت للسوفييت احراجاً و ازعاجاً بعدم قدرتهم للتصدي لها لسنوات طويلة .. و كلفتهم ميزانيات كبيرة على تطوير مشاريع اسلحة مضادة و تعديل اسلحة موجودة لتكييفها للتعامل مع تلك البوالين التجسسية .. فحتى عام 1957 تاريخ بدء تصنيع منظومة S-75 لم يكن يملكون اي سلاح قادر على التعامل مع تلك البوالين .. و حاولوا تطوير طائراتهم بتركيب محركات اقوى لتتمكن من الوصول لارتفاع للتعامل معها و لكن دون جدوى (من ضمنها تعديل طائرة An-2A و تعديل للنسخة التدريبية MiG-21U للقيام بدور اعتراض البالونات .. و تعديل نسخة من المقاتلة الاعتراضية Yak-25PA للقيام بهذا الدور ايضاً .. و حتى احد ادوار المقاتلة الاعتراضية MIG-31 كان التصدي لتلك البوالين بمدفع رشاش و لكن البوالين الامريكية كانت اعلى من سقف طيرانها .. و غيرها .. و كلها مشاريع لم تجدي و بعضها لم يكتمل و بعضها تأخر كثيراً و لم يدخل الخدمة حتى زمن كان الامريكيين قد اوقفوا فيه اطلاق تلك البوالين من انفسهم بعد ان امتلكوا اقمار صناعية بجودة تصوير عالية جداً) ..

М-17  Стратосфера M-17 Stratosphera
طائرة M-17 Stratosphera التي صصمت لاعتراض البوالين التجسسية
لعل انجع حل قاموا به و لكن متأخرين جداً هو تطوير طائرة الليزر المحمول جواً A-60A1 لمواجهة البالونات و نجحت بذلك و لكن بعد ان كان الامريكيين اوقفوا اطلاق البالونات التجسسية 1983 .. و يبدو ان عملياتهم باسقاط بوالين عام 1984 كانت ضد بوالين علمية او للارصاد الجوية (حسب المعلومات المنشورة انهم نجحوا باسقاط 4-25 بالون انجرافي في طبقة الستراتوسفير على ارتفاعات 30-40 كم) .. و المشروع الاخر الذي صمم لاعتراض البالونات التجسسية هو الطائرة M-17 Stratosphera و التي تمكنت من الوصول الى ارتفاعات عالية تصل الى 21.5 كم .. و لكنها لم تقم برحلتها الاولى حتى عام 1981 و حين اوقف الامريكيين اطلاق البالونات 1983 كانت لا تزال قيد التطوير .. و تحولت لاحقاً لمهام علمية باسم M-55 ..


لم يكن ارتفاع البالون (المنطاد) هو الصعب بعملية الاعتراض .. حتى بطئ البالون كان يصعب عملية اعتراضه من قبل الطيارين بطائرات نفاثة سريعة .. و كانت سماكة البالون الرقيقة جداً تجعله غير قابل للكشف و التي بلغت في البالونات الاخيرة حسب الروس 5 ميكرون 0.005 ملم (ربما يقصدون البالون WS-461L) .. و سماكة البالون الرقيقة جداً كانت تجعل من طلقات المدافع الرشاشة غير فعالة في ايقاف رحلة البالون لانها كانت تحدث ثقوب صغيرة لا تؤثر مباشرة على رحلة البالون .. و لذلك طور الروس ذخيرة عيار 23 ملم مزودة بصمامات حساسة جداً تنفجر و تتشظى حتى عند الاصطدام بسماكات رقيقة جداً كالبوالين .. و سلحوا الطائرة M-17 بمدفع مزود بهذه الذخيرة ..

اضافة لذلك فإن كلفة اسقاط بالون رخيص بصاروخ عملية غير مجدية اقتصادياً .. خاصة انها كانت تطلق بكثافة احياناً .. (رغم انهم اسقطوا العديد من البالونات التجسسية التي دخلت ضمن مجال عمل منظومات S-75) .. بعض المواقع الروسية تتحدث ان البالونات التجسسية الاخيرة كانت مزودة بقدرة التشويش و رمي "كرات خداعية" للتهرب من الصواريخ (ذُكرت هذه المعلومة في سياق الحديث عن تطوير طائرة M-17 .. و لم تذكر في مواقع اخرى) ..


حسب المواقع الروسية .. بلغ سقف طيران بالونات التجسس الامريكية الاخيرة الى 45-50 كم .. و بلغ عدد البالونات المسجلة من قبل الدفاع الجوي السوفييتي بين عام 1956 و 1977 حوالي 4112 بالون .. تم اسقاط منها 793 بالون فقط .. و سجلوا عام 1956 لوحده 3000 بالون (كما ذكرنا اعلاه ان المخطط بمشروع Genetrix كان اطلاق 2500 بالون WS-119L .. و لكنهم اطلقوا فعلياً 516 بالون و نجح منها 399 بالاطلاق و اكمال الرحلة نحو سماء الاتحاد السوفييتي .. هل كذب الامريكيين ببياناتهم ام ان احصائية الروس تتضمن البالونات البحثية ايضاً و التي كان الامريكيين يطلقونها من باب التمويه على عسكرة مشروعهم!!؟)

 

 ساعدت رحلات البوالين التجسسية الامريكيين بتحديد مسارات الطيران المثلى لطائراتهم التجسسية U-2 و التي تسمح لها بالطيران بأكفئ طريقة بطلعاتها لاحقاً من خلال امتلاكهم لسجل تيارات رياح دقيق فوق الاتحاد السوفييتي .. كما ساعدتهم بمعرفة قدرات الطيران السوفييتي لجهة سقف ارتفاع مقاتلاته الاعتراضية ..

0/تعليق/التعليقات