الليزر سلاح ضد الاقمار الصناعية .. من الارض ..

Сокол-Эшелон лазерный комплекс воздушного базирования А-60
كان من اهم نتائج حرب النجوم هو تطوير الليزر كسلاح مستقبل .. رغم وجوده قبلها .. لكنه اخذ دفعة كبيرة بعدها .. و لعل اول دفعة كانت هي مشروع السوفييت العملاق لوضع محطة هجومية في الفضاء تتسلح بالليزر اساساً لتدمير تجهيزات الامريكيين الفضائية ضمن مبادرتهم الاستراتيجية .. و بالفعل اطلقوا عام 1987 محطة Skif-DM و التي يطلق عليها ايضاً Polyus الى الفضاء على متن الصاروخ Energia مسلحة بليزر بقوة 1 ميغا واط .. و لكن المهمة فشلت و لم ينجح السوفييت بايصال محطتهم Skif-DM الى مدارها و احترقت و سقطت بقاياها في المحيط الهادئ ..

(حرب النجوم هي مصطلح اطلق على مبادرة الدفاع الاستراتيجي الامريكية و الرد السوفييتي عليها .. و كلاهما لم يكتمل)
 Polyus spacecraft Skif-DM Полюс
سلاح الليزر الذي تسلحت به المحطة الفضائية الهجومية السوفييتية Skif-DM هو نفسه سلاح الليزر الذي كان السوفييت يقومون بتطويره لتركيبه على طائرة اليوشن IL-76 منذ منتصف السبعينات .. و كان هدف السلاح الليزري هذا في البداية اسقاط المناطيد الانجرافية التجسسية الامريكية التي كانت تحلق على ارتفاعات اعلى من قدرات الدفاع الجوي السوفييتي و قدرات المقاتلات السوفييتية حينها .. قبل ان يتم توسيع اهدافه الى اعماء الاقمار الصناعية التجسسية الامريكية في المدار المنخفض .. و قد اطلق على ذلك المشروع بداية اسم 78T6 Drift و عرفت الطائرة التي سلحت بذلك الليزر لاحقاً بإسم A-60 Beriev و النسخة الاولى من تلك الطائرة كانت A-60 1A ..
лазерный комплекс воздушного базирования А-60
الطائرة A-60 1A هي في الاساس طائرة اليوشن IL-76 و قد تم تعديل هيكلها لتستوعب التجهيزات اللازمة لسلاح الليزر .. حيث تم اطالة الانف ليستوعب رادار كشف و تتبع نوع Ladoga .. كما تم وضع معدات تقنية بدل القمرة الزجاجية في اسفل مقدمة الطائرة و تم تركيب مولدي طاقة توربينيين على جانبي وسط اسفل الجسم .. و وضع سلاح الليزر في اعلى جسم الطائرة قبل الذيل .. داخل البدن و مغطى ببوابة قابلة للسحب تفتح عند تنفيذ عمليات الاطلاق ..
LADOGA RADAR RUSSIAN Airborne Laser A-60
رادار Ladoga الذي زودت فيه النسخة الاولى من A-60 التي نفذت مهام ضد المناطيد الانجرافية
حلقت الطائرة A-60 1A اول مرة بتاريخ 19 أغسطس 1981 و كانت بدايةً مسلحة بليزر غاز ثاني اوكسيد الكربون الديناميكي نوع RD-0600 .. بقوة 100 كيلو واط .. و نجحت في احدى التجارب الاولية التي بدأت عام 1984 باستخدام هذا الليزر في تدمير درون روسي نوع La-17 من مسافة 5-10 كم (مسافة تقديرية من احد المواقع الروسية بناء على قوة الليزر المستخدم) ..

و في تجارب بنفس العام نفذت الطائرة A-60 1A عشرات الاطلاقات الحية ضد مناطيد تجسسية انجرافية على ارتفاعات 30-40 كم .. و تمت عمليات الاطلاق من ارتفاع 10 كم تقريباً .. و في احدى العمليات قامت بحرق منطاد من مسافة 700 كم ..

و لاحقاً تم تركيب ليزر بقوة 1 ميغا واط  و هذا الليزر هو الذي حملته المركبة الفضائية الهجومية Skif-DM قبل ان تحترق في الغلاف الجوي ..
лазерный комплекс воздушного базирования А-60  Сокол-Эшелон
تعرضت الطائرة A-60 1A لحريق عام 1989 ما اخرجها من الخدمة .. و لكن استعاد الروس بعض التجهيزات و بدأوا بتطوير طائرة اخرى منها بناء على نتائج اختبارات A-60 1A و حصلت على نفس الترقيم في سلاح الجو الروسي عرفت لاحقاً بالإسم A-60 1A2 .. مع اختلاف شكلي عن النسخة الاولى بوجود حدبة تحوي معدات اضافية امام بوابة السلاح الليزري المحدث .. و ربما كانت مجهزة برادار كشف و تتبع اقوى نوع Ladoga-3 الذي كان جاهزاً قبل رحلتها الاولى .. و تم تركيب مولدي طاقة توربينيين اقوى .. و لكنها لم تحلق حتى 29 اغسطس 1991 .. حينها كان الاتحاد السوفييتي قيد السقوط ..

توقف العمل بتطوير الطائرة A-60 1A2 عام 1993 كنتيجة طبيعية لانهيار الاتحاد السوفييتي و التقليص الحاد للانفاق العسكري .. رغم ذلك استمرت مجمع Beriev العمل على تطويرها ببطئ بمبادرة منه .. حتى اعادة تنشيط المشروع مرة اخرى عام 2009 مع عودة الاختبارات الجوية عليها في اطار برنامج Sokol-Echelon الذي بدأ تطوير تجهيزاته منذ عام 2005 .. و حُدد له هدف أساسي : اعماء الاقمار التجسسية الامريكية باستخدام سلاح ليزري جديد (قيد التطوير) مرمز بـ 1LK222 لا يعرف اي معلومات عن قدراته حتى الان ..
лазерный комплекс воздушного базирования А-60  Сокол-Эшелон
 تركزت الاختبارات بعد تنشيط تطوير طائرة A-60 1A2 على كشف و تتبع الاقمار الصناعية في المدار المنخفض دون تنفيذ اطلاق ليزري .. و اول اختبار اطلاق حقيقي نفذته الطائرة A-60 1A2 كان باتجاه قمر جيوديسي ياباني اسمه AJISAI على ارتفاع 1500 كم .. عام 2009 .. حيث اُطلقت حزمة اشعاع ليزري تعييني عليه لاختبار انعكاسها عنه الى الطائرة .. (باستخدام الليزر المركب سابقاً على طائرة A-60 1A2 .. و ليس المرمز بـ 1LK222) ..

(خلال يوم الابواب المفتوحة 2011 سُمح بتصوير طائرة A-60 1A2 .. و قد ظهر عليها شعار برنامج Sokol-Echelon الذي يوضح هدف هذا المشروع .. اعماء الاقمار التجسسية الامريكية و يظهر في الرسم صقر روسي يبرق على صورة قمر KN-11 أو KN-12 و يجعل مسار تصوير اسود مظلم) .. الصورة ادناه ..
Сокол-Эшелон
و لكن المشروع Sokol-Echelon تعرض للتوقف من جديد لاسباب مالية عام 2011 .. قبل ان يتلقى دعماً مالياً كبيراً ضمن موازنة 2013 ..

يبدو ان الروس تخلوا عن تطوير طائرة A-60 1A2 التي بقيت في تاغونروغ منذ 2011 و بدأوا بتطوير طائرة ليزر جديدة منذ 2014 .. و يعتقد ان الطائرة الجديدة ستحمل التسمية A-60SE او A-60M .. و ستبنى على اساس احدث نسخ طائرة الاليوشن IL-76 و هي النسخة IL-76MD-90A .. و ستجهز بالليزر 1LK222 الذي سيكون حسب المواقع الروسية نسخة محمولة جواً من الليزر الارضي المتنقل Peresvet الذي كشف عنه الرئيس الروسي بوتين اول مرة عام 2018 ..
 комплекса Пересвет лазерный  А-60 РД0600 Peresvet LASER RUSSIA Tactical High Energy Laser
و كان نائب وزير الدفاع الروسي بوريسوف قال : ان مصممي الطائرات الروسى أكملوا الاختبارات الارضية لمعدات الطائرة A-60 التي ستجهز بالليزر المقاتل .. و اضاف بوريسوف : إن التجارب الجوية مستمرة الآن .. و تؤكد نتائجها صحة القرارات المتخذة .. 

و يعتبر هذا التصريح الشيء الاكيد الوحيد عن المستوى الذي بلغه مشروع Sokol-Echelon حتى عام 2016 .. و تنفذ الطائرة الجديدة A-60SE طلعات تجريبية منذ 2016 و لكن لا يوجد معلومات عن اي اختبارات حقيقية نفذتها .. و المعروف اعلامياً انه لم يتم دمج نظام الليزر 1LK222 بها حتى الان .. رغم ان الليزر الارضي المتنقل Peresvet اعلن عن دخوله الخدمة منذ 2018 و الذي يعتقد بقوة ان سيكون نسخة محمولة جواً منه ..
 комплекса Пересвет лазерный  А-60 РД0600 Peresvet LASER RUSSIA Tactical High Energy Laser
رغم السرية الشديدة التي يحيطها الروس لقدرات منظومة الليزر الارضي المتنقلة Peresvet و التي يتم التكتم فيها الروس حتى على نوع الليزر الذي تستخدمه و قوته و مصدره .. لكن التقديرات الاخيرة تشير الى امكانية ان تكون Peresvet مزودة بمفاعل ليزر يتم فيه تحويل طاقة الانشطار مباشرة إلى أشعة الليزر (او ما يسمى ليزر الضخ النووي) .. و هو ما يعني ان قوة الليزر المستخدم ستكون بالتأكيد اكبر من 1 ميغا واط .. و هو ما يتجاوز قوة اي ليزر عسكري روسي سابق ..

و رغم ان المنظومة Peresvet قد دخلت الخدمة 2018 .. و لكنها لا تزال قيد التطوير و يتم العمل على تقليل حجم عربات المنظومة .. و ربما هذا السبب هو ما يؤخر دمجها في حجمها الحالي على الطائرة A-60SE حتى الان ..

و يدعم تقديرات نوع الليزر المذكور تصريحات نائب وزير الدفاع الروسي بوريسوف في 2018 و التي ألمح فيها لهكذا تقنية : ان العمل جار لتحديث المجمع Peresvet و نتيجة لذلك سيتم تخفيض عدد المركبات القتالية في المجمع في غضون 2-3 سنوات القادمة و سيصبح المجمع أكثر إحكاماً .. و اضاف : علمائنا النوويين تعلموا كيفية تركيز الطاقة المطلوبة لتدمير أسلحة العدو ذات الصلة على الفور فى لحظة واحدة ..

و قد كثف الروس في السنوات الاخيرة العمل على بحوث ليزر الضخ النووي من خلال معهد البحوث العلمية في الفيزياء التجريبية VNIIEF .. و معهد الفيزياء و هندسة الطاقة في اوبنينسك و الذي حصل على براءة اختراع رقم RU 2502140 في مفاعل ليزر يحول طاقة الانشطار الى اشعة ليزر ..

(يجدر الذكر هنا .. في مجال تصغير حجم المفاعلات التقليدية .. عُرض مؤخراً في المعرض العسكري الروسي "الجيش 2019" مفاعل نووي محمول على شاحنة من تصميم معهد NIKIET الروسي) ..
 комплекса Пересвет лазерный  А-60 РД0600 LASER Peresvet
و رغم ذلك دخلت المنظومة Peresvet (بعدد عرباتها الحالي) الخدمة مع 5 فرق من قوات الصواريخ الاستراتيجية الروسية .. كان اعلن ذلك وزير الدفاع الروسي شويغو في 24-12-2019 .. و انتشار منظومة Peresvet مع قوات الصواريخ الاستراتيجية يوحي بالغرض و الدور المناط بها .. و هو اخفاء الانشطة السرية تلك القوات عن الرصد الفضائي الامريكي من خلال اعماء أقمار التجسس التصويري الامريكية في وقت السلم و اتلافها وقت الحرب ..
 Boeing YAL-1 Airborne Laser  chinese anti satellite laser base  Boeing YAL-1 Airborne Laser
توضيح لأثر الليزر على الكاميرات من خلال مثال مبسط
يتمتع الليزر المحمول جواً  A-60S بأفضلية عملية على الليزر الارضي Peresvet .. و هذه الافضلية تعود الى قدرة الليزر الجوي على العمل في كل الظروف الجوية بفضل تحليق الطائرة في مهماتها على ارتفاع فوق 10 كم بعيداً عن الضباب و الغيوم التي تؤثر بشكل كبير على اداء الليزر الارضي .. كما ان قدرة الطائرة في التحرك الفوري و المناورة و اتخاذ الموضع المناسب للاطلاق اعلى من المنظومة الارضية التي يمكن ان تحدها تضاريس المنطقة ..

الولايات المتحدة بدورها تملك برامج اسلحة ليزرية ارضية و محمولة جواً بدأت بتطويرها منذ السبعينات بالتوازي مع مشروع الليزر الروسي المحمول جواً .. لكن هدف تلك الاسلحة كان طموحاً و لا تلبيه قدرات ليزر هذا العصر .. لذا انتهت و لم تتجاوز كونها مشاريع .. و لعل طائرة الليزر المحمول جواً Boeing YAL-1A اوضح مثال على ذلك .. فقد حدد لها هدف التصدي للصواريخ البالستية التكتيكية في المرحلة الاولى من مسارها من مسافة مئات الكيلومترات .. و لكنه غير ممكن عملياً بسبب قصر مدى الليزر الكيميائي الذي ركب على طائرة Boeing YAL-1A عن تحقيق الهدف .. و محدودية حمولة الطائرة من الوقود الكيميائي اللازم لعمليات اطلاق الليزر و بسبب الكلفة المرتفعة للطائرة الواحدة و التي تصل الى 1.5 مليار دولار .. (قوة الليزر الكيميائي الذي استخدمته 1 ميغاواط و مكون من الاوكسجين و اليود) ..

و يلخص وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس هذه النتيجة عام 2011 : 
أنا لا أعرف أي شخص في وزارة الدفاع يعتقد برنامج الليزر المحمول جواً YAL-1A يجب أو سيتم نشره عملياً .. و الحقيقة أنك ستحتاج إلى ليزر أقوى بـ 20-30 مرة من الليزر الكيميائي المستعمل الطائرة الآن ليكون قادراً على الوصول إلى أي مسافة من موقع اطلاق الصاروخ البالستي و الرمي عليه .. لذا يجب على طائرة الليزر المحمول جواً YAL-1A أن تدور داخل حدود إيران حتى تتمكن من استخدام الليزر لإسقاط الصاروخ البالتسي في المرحلة الاولى من مساره .. وإذا كنت ستشغل هذا المشروع فأنت بحاجة الى 10-20 طائرة YAL-1A بكلفة مليار و نصف دولار للطائرة الواحدة و كلفة تشغيلية 100 مليون دولار سنويًا .. و لا يوجد أي شخص يرتدي الزي الرسمي يعتقد أن هذا مفهوم عملي ..
chinese anti satellite laser base  Boeing YAL-1 Airborne Laser
المشروع اغلق عام 2011 .. رغم ذلك .. تعتبر طائرة Boeing YAL-1A مشروع مهم جداً استفادت منه امريكا كثيراً في تطوير مشاريع اسلحة ليزرية لاحقة .. و يمكن ان يعود بهدف اخر واقعي كهدف الروس في طائرتهم A-60 .. مع بعض التعديلات .. (سنخصص موضوع للحديث عن مشروع YAL-1A بتفصيل) ..

الصين بدورها يبدو انها خطت خطوات متقدمة في تقنيات الليزر عسكرياً و ضد الاقمار التجسسية .. رغم انها لم تعلن ذلك .. و لكن تقارير و تصريحات المسؤولين الامريكيين تؤكدها .. حيث ذكر دونالد كير مدير مكتب الاستطلاع الوطني الامريكي  ان الأقمار التجسسية التصويرية الامريكية كانت "مبهرة" أثناء مرورها فوق الصين .. و اضاف : ان ذلك لم  يضر بقدرة الأقمار الأمريكية على جمع المعلومات .. (كان ذلك عام 2006) ..

كما اعلن دان كوتس مدير الاستخبارات الوطنية الامريكية عام 2018 ان الصين احرزت تقدماً في تقنيات الطاقة الموجهة التي يمكن ان تعمي او تضر الاقمار التجسسية التصويرية الامريكية .. و عام 2019 اكدت المخابرات العسكرية الامريكية تلك القدرة الصينية ايضاً ..

و قد كشف خلال عام 2019 عن صور فضائية لـ 5 مواقع صينية يعتقد انها قواعد لسلاح ليزري صيني مضاد للاقمار الصناعية .. و عام 2020 قدمت الصين مناقصة داخلية لبود ليزر محمول جواً .. يُعتقد ان هذا بداية مشروع ليزر صيني محمول جواً ..
chinese anti satellite laser base
لا تزال اسلحة الليزر تحتاج لعقود لتصبح سلاح عملي .. فبطئ عملية الاستهداف الليزري و التي تحتاج لعدة ثواني يجعله غير قادر على تلبية احتاجات الحروب .. و لتحقيق سرعة ضرب فوري للاهداف بجزء من الثانية سيحتاج ليزر بقوة عدة غيغاواط او مئات الميغاواط على الاقل .. و هذه القوة لا تزال بعيدة مقارنة بالمستوى الحالي ..

و هنا نورد قوة الليزر اللازمة لتدمير عدة انواع من الاهداف .. فمثلاً :

لاتلاف الدرونات الصغيرة من مسافة 1-5 كم انت بحاجة إلى ليزر بقوة 2-5 كيلو واط. ..

لتدمير الذخيرة كالهاونات من مسافة 5-10 كيلومترات يلزم ليزر بقوة 20-100 كيلو واط ..

لضرب أهداف مثل طائرة أو صاروخ بالستي من مسافة 100-500 كم انت حاجة إلى ليزر بقوة 1-10 ميجا واط ..

و يقدر الخبراء ان قوة الليزر المطلوبة ليكون سلاح فعّال في الحروب الحديثة لن يبلغها حتى عام 2040 على الاقل ...

0/تعليق/التعليقات