 |
الدرون الانتحاري الاسرائيلي Harpy .. (النسخة الاولى منه) |
بعد حرب 1973 و سقوط عشرات الطائرات الحربية الاسرائيلية بصواريخ الدفاع الجوي السوري و المصري بسهولة .. عكف الاسرائيليين على ايجاد حل لمواجهة انظمة الدفاع الجوي دون تعريض الطائرات لخطر الاسقاط بالصواريخ .. وبدأوا تغييراً شاملاً للطريقة التي عمل بها الطيران الاسرائيلي في حرب 1973 .. يشمل اسلحة الطائرات و انظمة القيادة و السيطرة و الحرب الالكترونية و المراقبة الجوية .. و حتى العقيدة القتالية .. و بذلوا في سبيل هذا التغيير ميزانيات ضخمة .. و بحثوا عن اي فكرة في سبيل ايجاد حلول .. (اسمى الاسرائيليين تلك الفترة قلب كل حجر بحثاً عن حل) .. و جربوا في النصف الثاني من السبعينات كثير من هذه الافكار .. بعض هذه الافكار يقول عنها الاسرائيليين انها افكار مضحكة اليوم .. في ذلك الوقت حتى الامريكيين لم يكن لديهم حل ناجع لمواجهة انظمة الدفاع الجوي ..
و كجزء من الجهد الاسرائيلي المبذول بحثاً عن حل .. طُرِحت فكرة صاروخ يكون بمثابة شرك لانظمة الدفاع الجوي .. خلال عام 1978 بدأ الاسرائيليين بمشروع اسموه High Heart لتطوير صاروخ شرك للدفاع الجوي محلي الصنع .. و في بداية عام 1980 و بعد ان قطعوا بتطويره اشواط تقنية مهمة اوقفوه .. بعد ان حصلت شركة IMI الاسرائيلية من امريكا على ترخيص لتصنيع صواريخ SAMSON الخداعية التي كانت امريكا انتهت للتو من تطويرها .. و كانت هي الحل الذي يبحث عنه الاسرائيليين .. صواريخ جوالة تقلد بصمة الطائرات و سرعتها .. و خلال حرب 1982 نجحت اسرائيل باستخدام هذه الصواريخ الخداعية من خلال تكتيك عالي بالتنسيق مع وسائط الاستطلاع الالكتروني و درونات الاستطلاع .. نجح الطيران الاسرائيلي في تدمير 19 كتيبة سام6 سوريّة .. (هذا النجاح ليس لان الاسرائيليين تفوقوا في التقنية فقط .. بل لان القيادة العسكرية السورية بعد حرب 1973 لم تطور الدفاع الجوي السوري لا بالتسليح و لا بالتكتيك القتالي لمواجهة ما ملكه الاسرائيليين بعد حرب 1973 من اواكس و طائرات حديثة و انظمة حرب الكترونية و اسلحة ذكية و غيرها) ..

و كعادة الاسرائيليين بعد كل مواجهة .. لا يدرسون فقط نقاط ضعفهم لتفاديها .. بل يدرسون ايضاً نقاط قوتهم لتعزيزها .. و بعد حرب 1982 كان البحث في تعزيز نجاح تكتيكهم بتدمير بطاريات الدفاع الجوي السورية في لبنان .. و الذي استخدموا فيه كما ذكرنا صواريخ خداعية و طائرات دون طيار استطلاعية و استطلاع الكتروني و قصف بالطيران الحربي .. و ارادوا سلاحاً يجمع بين هذه القدرات لتدمير
اي دفاع جوي في المواجهات القادمة .. فكان ذلك السلاح هو الطائرة دون طيار
الانتحارية المضادة للرادارات Harpy .. و التي حُدد لها دور التسلل و التحليق فوق منطقة انتشار
رادارات معادية و تدمير اي رادارات او محطات تشويش عاملة في المنطقة المستهدفة من خلال قدرتها على تحديد موقع الرادار المفعّل و مهاجمته و تدميره ..
و يتم ذلك بشكل تلقائي دون تدخل بشري بعد اطلاقها ..
ما هي آلية عمل Harpy و كيف تستطيع الذهاب لمنطقة تواجد رادارات الدفاع الجوي و البحث عن هدف فيها و تدميره من تلقاء نفسها .. !!؟
بناء على معلومات الاستطلاع الالكتروني يتم تحديد منطقة تنتشر فيها بطاريات دفاع جوي معادية لاستهدافها .. و يتم برمجة مسار محدد لدرونات Harpy في الطيران باتجاه تلك المنطقة المستهدفة .. و بعد الاطلاق تتجه الدرونات نحو المنطقة باستخدام الطيار الالي و انظمة الملاحة .. مستغلة صغر بصمتها الرادارية في التسلل .. لتبدأ التحويم فوق تلك المنطقة بحثاً عن اشارات الردارات المعادية .. و قد زودت Harpy بباحث سلبي يمكنه اكتشاف و تحديد موقع مصدر اي اشارة كهرطيسية ضمن مسافة 20 كم لمهاجمته .. ونطاق عمل هذا الباحث بين 2-10 غيغاهرتز .. (يتم اطلاق الدرونات الانتحارية هاربي من منصة تحمل 6-12 درون و ينطلق الدرون بداية عبر معزز صاروخي صغير ثم يقوم بتشغيل محركه المكبسي بعد ان يكون اخذ تسارع كافي لتشغيله) ..
 |
صورة توضيحية للدفتين المتعامدتين مع جسم الدرون harpy التي يفتحها اثناء انحداره نحول الهدف للحفاظ على ثباته .. و انبوب التفجير الذي يفتح ايضاً اثناء الانحدار
|
بعد التقاط الاشارة الكهرطيسية يقوم الدرون Harpy بمقارنتها بالاشارات الكهرطيسية المعادية المخزنة فيه و المطلوب استهدافها في المنطقة .. و يتجه منحدراً بسرعة 250 كم / ساعة نحو مصدر هذه الاشارة ( يمكن للدرون Harpy تخزين اكثر من 15 تردد اشارة مستهدف في حال كان مطلوب
تردد اشارات معينة كهدف و يتم ادخال هذه الترددات لذاكرة الدرون قبل عملية الاطلاق .. و في حال لم تحدد مسبقاً يتجه نحو مصدر اي اشارة في المنطقة المستهدفة ) .. و يفتح الدرون Harpy اثناء انحداره نحو الهدف دفتين متعامدتين مع جسمه لزيادة ثباته اثناء تسارعه نحو الهدف .. و يفتح انبوب بطول 2.5 متر يلامس الرادار قبل ملامسة مقدمة الدرون للهدف ليضمن منطقة انفجار و ضرر اكبر على الهدف .. و يقوم بتفجير رأسه الحربي البالغ 32 كغ الذي يحوي 7000 شظية .. و في حال تم اطفاء الرادار المستهدف اثناء انحدار الدرون Harpy يقوم الدرون من تلقاء نفسه بالغاء الهجوم و الطيران نحو الارتفاع الذي كان عليه للبحث عن اشارة هدف جديد .. و يقوم الدرون Harpy بتفجير نفسه في حال لم يجد هدف بعد استهلاك قدرته في التحليق ..
و يستطيع درون Harpy البقاء في الجو حتى 5 ساعة بفضل قدرته على ابطاء سرعة تحليقه لسرعة 120 كم / ساعة .. اما سرعة التحليق القصوى هي 185 كم / ساعة .. و سقف ارتفاع تحليقه 3 كم .. و مداه الاقصى 500 كم ..
 |
نسخ الدرون الانتحاري المضاد للرادارات هاربي HARPY بنسخه القديمة و المحدثة و الجديدة |
المواصفات المذكورة اعلاه تخص النسخة الاولى من Harpy و التي صممت نهاية الثمانينات .. و كما معظم الاسلحة مرت Harpy بتحديث مع احتفاظ بالجسم القديم .. و تم تصنيع جيل جديد منها باسم Harpy-2 .. و ادناه سنوضح الفروق الشكلية بالصور بين نسخ Harpy القديمة و المحدثة و الجديدة .. مع مواصفات كل منها .. ( ضمن ما هو معلن من قبل اسرائيل او مشغلي الدرون Harpy بنسخه و حسب ما لاحظناه من فروق شكلية )
 |
صورة توضح الفرق الشكلي بين النسخ القديمة و النسخ المحدثة من الدرون الانتحاري هاربي harpy |
- النسخة الاولى من Harpy : المدى 500 كم .. قدرة البقاء في الجو حتى 5 ساعة .. السرعة في الانحدار 250 كم / ساعة .. سقف الارتفاع 3 كم .. نطاق الباحث السلبي 2-10 غيغاهرتز .. وزن الرأس الحربي 32 كغ ..
 |
جدول يوضح فروقات المواصفات بين النسخ الثلاثة من الدرون الانتحاري المضاد للرادارات هاربي HARPY |
- النسخة المحدثة من Harpy : احتفظت هذه النسخة بشكل الدرون Harpy نفسه مع تغيير في حجم الباحث و انقاص وزن الرأس الحربي الذي اصبح 23 كغ .. و تم استبدال المحرك القديم بأخر احدث ما ادى الى زيادة في المدى حتى 1000 كم .. و زيادة في سرعة الانحدار حتى 416 كم / ساعة .. و زيادة سقف الارتفاع 5 كم .. قدرة البقاء في الجو حتى 5.5
ساعة .. نطاق
الباحث السلبي الجديد اكبر من القديم و بلغ 2-18 غيغاهرتز .. و لا يعرف مدى الباحث السلبي الجديد .. لكن بالتأكيد انه ابعد مدى من النسخة السابقة .. (طلبت الصين الحصول على هذا التحديث لكن ضغوط امريكية منعت تحديث درونات harpy التي اشترتها و اتجهت لتصنيع نسختها المحلية ASN-301 و التي تفوقت على النسخة الاولى من هاربي لجهة قوة الباحث الذي يبلغ نطاقه 2-16 غيغاهرتز و مدى كشف الباحث 25 كم مقارنة بنطاق 2-10 غيغاهرتز و مدى باحث 20 كم في هاربي .. لكن مدى الدرون الصيني ASN-301 كان اقل و بلغ 288 كم فقط)
 |
صورة تظهر النسخة المحدثة من هاربي HARPY لدى كوريا الجنوبية و تركيا .. و يظهر في الصورة مواصفات النسخة المحدثة |
- الجيل الجديد Harpy-2 : و بنيت بهيكل الطائرة الانتحارية Harop و تستخدم نفس محرك النسخة المحدثة من Harpy و لها نفس المدى 1000 كم .. مع زيادة بقدرة البقاء في الجو حتى 9
ساعة بفضل التصميم الجديد .. السرعة في الانحدار 416 كم / ساعة .. سقف الارتفاع 5 كم .. نطاق
الباحث السلبي اكبر من نسخة Harpy المحدثة و هو بين 0.8-18 غيغاهرتز .. وزن الرأس الحربي اقل من النسختين و يبلغ 16 كغ .. و البصمة الرادارية للجيل الجديد Harpy-2 اقل من 0.5 م2 (ربما ان النسخ السابقة قريبة من هذه البصمة) ..و لا يعرف مدى الباحث السلبي الجديد .. لكن بالتأكيد انه ابعد مدى من النسخ السابقة .. و ايضاً يمكنها التحليق بسرعة بطيئة تبلغ 120 كم/ساعة و هو ما يمنحها مدى 1000 كم او قدرة بقاء في الجو حتى 9 ساعة ..
 |
صورة توضح فروقات شكلية في بواحث النسخ الثلاثة من هاربي HARPY |
و يطلق على النسخة Harpy-2 تسمية Harpy NG ( Harpy next generation ) .. و هذه النسخة لم تصدر حتى الان ربما ستكون خاصة بالجيش الاسرائيلي لفترة معينة قبل ان يسمح بتصديرها .. و كشف عنها اول مرة عام 2016 ..
 |
النسخة Harpy-2 او ما يطلق عليها Harpy NG ( Harpy next generation ) |
- اخطر نسخة من Harpy هي النسخة المصغرة Mini Harpy و التي عرضت العام الماضي 2019 .. و هذه النسخة تجمع قدرات بحث و تهديف كهروبصرية و باحث سلبي عن اشارة الرادارات كالنسخ السابقة .. و يبلغ مداها 100 كم .. و سقف ارتفاعها 1524 متر .. و سرعة انحدارها باتجاه الهدف 370 كم / ساعة .. و يمكنها التحليق بسرعة بطيئة تبلغ 102 كم ما يجعلها قادرة على البقاء في الجو حتى 2 ساعة .. وزن رأسها الحربي 8 كغ .. و يمكن التحكم بها من خلال منصة تحكم ارضية او من خلال جهاز تابلت محمول .. و يمكن الغاء عملية الهجوم اثناء الانحدار و الارتفاع من جديد للبحث عن هدف اخر .. و تتميز هذه النسخة انها ذات دفع كهربائي و هو ما يعني ان ضجيجها منخفض للغاية مقارنة بالنسخ السابقة المنخفضة الضجيج اصلاً ..
 |
الدرون الانتحاري Mini Harpy .. |
- نسخة التهديف الكهروبصري فقط من Harpy هي الدرون الانتحاري Harop .. و انتشر معلومة خاطئة في معظم المواقع العسكرية عنها (و نحن ايضاً) .. و هي انها تحوي خياري تهديف .. كهروبصري و بباحث سلبي .. و الصحيح انها تملك فقط تهديف كهروبصري .. و كمواصفات هي نفس مواصفات النسخة Harpy-2 التي طورت بالاعتماد على جسم Harop .. ( في النسخة الكهروبصرية المدى محدود و يمكن للدرون التحليق لمسافة 1000 كم لكن ضمن مدى 200 كم عن محطة التحكم )
 |
صورة توضح الفرق بين الدرونين الانتحاريين Harpy و Harop.. احدهما يستخدم في التهديف باحث كهروبصري و الاخر يستخدم باحث سلبي |
ما هي نقاط قوة الدرون الانتحاري هاربي - Harpy بنسخه المختلفة .. ؟!
- انه لا يتأثر بعمليات التشويش .. بل يفضل وجود مصادر تشويش في منطقة استهدافه ليدمرها ..
- قدرته على التسلل للمنطقة المستهدفة من خلال بصمته الرادارية الصغيرة .. و ايضاً من خلال بصمته الحرارية الضئيلة كونه صغير الحجم و مصنوع من مواد مركبة .. علاوة على ضجيجه المنخفض ..
- امكانية اغراق المنطقة المستهدفة بعدد كبير من الدرونات الانتحارية .. و يمكن اطلاق عدد يصل الى 12 درون Harpy من منصة اطلاق واحدة .. ما يربك بطاريات الدفاع الجوي و يدفعها لاطفاء راداراتها لحمايتها من الاستهداف بتلك الدرونات .. او تعريض رادارتها للتدمير في حال ابقتها قيد العمل ..
- تلقائية الاستهداف .. فهي تبحث و تحدد الموقع و بشكل تلقائي تقوم بالاتجاه نحوه و تدمره ..
كيف يمكن تجنب خطر الدرونات الانتحارية المضادة للرادار .. !؟
- تكثيف المدفعية المضادة للطائرات في مناطق انتشار بطاريات الدفاع الجوي .. و تحديث المدفعية بانظمة رصد و تهديف كهروبصري حديثة و تسليحها بصواريخ قصيرة المدى مضادة للطائرات ..
- تدريب اطقم المدفعية المضادة للطائرات على الرمي بمستوى عالي و برد فعل سريع ..
- لقوات الحرب الالكترونية دور كبير في التصدي لها عبر ابتكار طرق لخداع هذه الدرونات الانتحارية ..
- تدريب اطقم الدفاع الجوي على اهمية المناورة و تبديل مواقع الرادارات بشكل مستمر .. بمرافقة انظمة مدفعية م ط و صواريخ محمولة م ط ..
و هناك الكثير من الخيارات التي يمكن ابتكارها للتصدي لهذا الخطر .. و لكن لمن يعمل فعلاً ليكون اقوى ضد عدوه .. و بالتأكيد ان الاسرائيليين يبحثون عن سلاح جديد ليزيدوا من قدراتهم المتفوقة في قدرات اخماد الدفاع الجوي المعادي ..
إرسال تعليق