الصاروخ الروسي الشبحي الجوّال KH-101

القاذفة الاستراتيجية الروسية Tu-95ms مسلحة بصواريخ kh-101

تنفرد القوى العظمى الكبرى روسيا و امريكا عن باقي دول العالم بامتلاكهم لـ الثالوث النووي .. و هو سلاح الصواريخ الاستراتيجية العابرة للقارات الحاملة للرؤوس النووية .. و سلاح الغواصات النووية المسلحة بصواريخ نووية استراتيجية .. و ثالثاً .. سلاح القاذفات الاستراتيجية التي يمكنها قطع الاف الكيلومترات و يمكنها حمل صواريخ جوالة بعيدة المدى مسلحة برؤوس نووية .. (الصين تمتلك ايضاً ثالوث نووي و لكن امكانات قاذفاتها الاستراتيجية اضعف كثيراً من الروس و الامريكيين كمدى و حمولة و تسليح) ..

القدرات الهجومية الروسية لـ الضلع الثالث من ثالثوهم النووي (القاذفات الاستراتيجية) هو الاضعف او بالاحرى الاقل اهمية ردعية لديهم و ذلك بسبب بعد المسافة بين الاراضي الروسية و العمق الامريكي .. حيث ان هذا البعد يخلق مشكلتين .. الاولى انه يستهلك مدى صواريخ القاذفات الروسية و يجعلها قاصرة عن استهداف العمق الامريكي .. و الثانية انه يعرض القاذفات الروسية لخطر الاسقاط في حال ارادت استهداف العمق الامريكي و حلقت قريباً من الحدود الامريكية او حتى اثناء تحليقها في الاجواء الدولية نحو مهمتها .. خاصة بوجود القواعد الجوية الامريكية في محيط روسيا و انتشار الاساطيل البحرية الامريكية في المياه الدولية .. (حتى وقت قريب كانت القاذفات الروسية مسلحة فقط بعائلة صواريخ kh-55 التي يتراوح بين 2000-3500 كم .. و المسافة بين روسيا و عمق امريكا 5000-7000 كم من الشمال الشرقي و الشمال الغربي للولايات المتحدة)

و كان الحل الروسي لتجاوز هذا القصور الكبير في سلاح القاذفات هو الصاروخ الجوال الاحدث kh-101 .. صاروخ فريد في فئته من ناحية المدى .. اذ يبلغ مداه اكثر من ضعف مدى صواريخهم الجوالة kh-55 .. حيث يصل الى 5500 كم .. و هذا المدى سيمكن القاذفات الاستراتيجية الروسية من قصف الاراضي الامريكية من مسافات آمنة من خطر الاعتراض ..

(مدى صاروخ kh-101 هو الاطول بين كل الصواريخ الجوالة في العالم حالياً .. بما فيها الصواريخ الامريكية .. حيث يبلغ مدى صواريخ AGM-86B الامريكية 2400 كم .. و تطور امريكا ايضاً نسخة مطولة المدى من صاروخ JASSM بإسم JASSM-XR سيبلغ مداها 1900 كم .. رغم ان مداهما اقصر من kh-101 لكنه كافي للوصول الى عمق الروس خاصة مع انتشار قواعد عسكرية امريكية في دول محاذية لروسيا .. ناهيك عن امكانية خرق الحدود الروسية من قبل القاذفتين الشبحيتين B-2 و خليفتها القادمة B-21 و اللتين يمكنهما حمل عائلة صواريخ الكروز الشبحية JASSM و الصاروخ الاحدث الذي يتم تطويره LRSO .. و للعلم استراتيجية الامريكيين تتضمن خرق القاذفات لـ المجال الجوي لـ العدو و ضرب الاهداف من داخل مجاله و ليس فقط القصف من خارجه) ..

صاروخ KH-55SM و يظهر خزانات الوقود الجانبية

(بالمناسبة .. كان لدى الروس تجربة لزيادة مدى صواريخهم الجوالة القديمة kh-55 عبر اضافة خزانات وقود جانبية لها و تلك النسخة سميت Kh-55SM ما ادى لزيادة المدى حتى 3500 كم بدلاً من 2500 في النسخة الاولى .. و ايضاً أدى لزيادة في البصمة الرادارية للصاروخ و تم ذلك دون تحسين لدقة الاصابة حيث كانت دقة النسخ الاولى من kh-55 سيئة للغاية و يصل حيدانها عن الهدف الى 100 متر .. و لاحقاً طوروا نسخة اخرى من صواريخ kh-55 بإسم kh-555 باضافة انظمة ملاحة و توجيه احدث لزيادة دقة الاصابة الى اقل من 20 متر .. و لكن وزن هذه الانظمة كان على حساب حجم الوقود الداخلي ما اضطرهم الى تركيب خزانات وقود جانبية للحفاظ على مدى مقبول او بالاحرى للحفاظ على المدى الاساسي للصاروخ 2000 كم)

صورة لتوضيح الفرق الشكلي بين KH-55SM و KH-555

بالعودة لصاروخ kh-101 .. هذا الصاروخ لم يتفوق فقط في المدى .. بل كان ثورة تقنية على كل ما سبقه من صواريخ الكروز الروسية السابقة .. (صاروخ kh-101 يوجد منه فئتان .. الاولى مزودة برأس حربي تقليدية و هي التي تسمى kh-101 و الثانية مسلحة برأس نووي و تسمى kh-102) ..

بالنسبة لصاروخ يحتاج للتحليق لساعات حتى يصل الى هدفه على بعد 5500 كم ان أهم نقطة يجب ان يتميز بها هي قدرة عالية على خرق الدفاعات المضادة للوصول لهدفه و تدميره .. و لأجل ذلك روعي في تصميم الصاروخ kh-101 ان يكون ذو بصمة رادارية شبحية .. حيث تبلغ 0.01 م2 .. و للتهرب من الكشف الراداري يحلق صاروخ kh-101 على ارتفاعات منخفضة جداً تصل الى 30 متر فقط ..

و تعزيزاً لقدرة بقائية صواريخ kh-101 في مواجهة المضادات .. اعلن الروس نهاية عام 2018 عن تطوير انظمة حرب الكترونية لتزويد صواريخ kh-101 بها .. و اعلنوا ان هذه الانظمة انهت مرحلة الاختبارات و انها بمرحلة الانتاج حالياً ..

ببصمة رادارية 0.01 م2 و ارتفاع تحليق 30 متر و مع قدرات حرب الكترونية .. سيكون مهمة شبه مستحيلة التصدي لصواريخ kh-101 .. !!!

يبلغ ارتفاع التحليق الادنى لصاروخ kh-101 من 30-70 متر و الاقصى 6 كم (بعض المواقع الروسية تذكر ان الارتفاع الاقصى يصل الى 10 كم) .. و يتم تحديد ارتفاعات التحليق مسبقاً و يمكن تغييرها اثناء الرحلة ..

(للمقارنة مع الصاروخ الاقدم kh-55 .. البصمة الرادارية لصاروخ kh-55 هي 0.2 م2 و ارتفاع تحليقه الادنى 50-100 متر) ..

الصاروخ الروسي الشبحي الجوال kh-101

يعتمد صاروخ kh-101 في توجيهه على نظامي ملاحة .. الاول نظام الملاحة بالاقمار الصناعية الروسي Glonass و الثاني نظام ملاحة داخلي بالقصور الذاتي .. كما زود بنظام كهروضوئي لتصحيح المسار و ذلك من خلال مطابقة صور يلتقطها هذا النظام اسفل مسار الصاروخ مع صور مخزنة مسبقاً .. كما زود الصاروخ بقائس ارتفاع ليزري للحفاظ على الصاروخ محلقاً بالارتفاعات المخططة .. و تذكر بعض المواقع الروسية عن امتلاك الصاروخ لباحث تلفزيوني او راداري في المرحلة الاخيرة للمسار مع قدرة على ضرب اهداف متحركة و لكن هذا غير مؤكد ..

و حسب رئيس تحرير مجلة " Арсенал Отечества / ترسانة الوطن " الروسية انه يمكن تغيير هدف الصاروخ بعد الاطلاق و اعادة توجيهه نحو هدف جديد .. و هي ميزة لم تكن موجودة في عائلة صواريخ kh-55 ..

تبلغ دقة اصابة الصاروخ kh-101 حسب الروس اقل من 5 متر و التقديرات الغربية 7-10 متر .. و النسخة النووية منه kh-102 دقتها 100 متر ..

اوضح صورة لصاروخ kh-101 يظهر فيها اسفله النظام الكهروضوئي لتصحيح المسار و قائس الارتفاع الليزري

يحمل الصاروخ kh-101 عادةً رأس حربي واحد بزنة 400 كغ .. و النسخة النووية منه kh-102 مسلحة برأس نووي بقوة 250 كيلوطن ..

واحدة من المزايا الفريدة التي يتميز بها صاروخ kh-101 هي القدرة على ضرب هدفين متباعدين على مسافة حتى 100 كم بصاروخ واحد ..  .. حيث يمكن تزويده برأسين حربيين .. الرأس الحربي الاول ثابت بزنة 150 كغ و الثاني منفصل بزنة 150 كغ + وزن الحاوية و المظلة 100 كغ ..

يمكن للقاذفات الروسية اطلاق صاروخ kh-101 من ارتفاعات منخفضة تصل الى 300 متر فقط .. و هو ما يتيح لها التقرب لاطلاق الصاروخ لضرب مسافات ابعد داخل العمق الامريكي .. (ارتفاع الاطلاق ممكن من 300 متر و حتى 11 كم)

يبلغ وزن صاروخ kh-101 بين 2200-2400 كغ .. و يعتبر اثقل الصواريخ الجوالة في العالم .. و تبلغ سرعته القصوى حتى 250 - 270 متر / ثانية او ما يعادل 0.84 - 0.91 ماخ .. زود بالمحرك التوربيني النفاث TRDD-50A الذي يولد قوة دفع 450 كجم .. و هذا المحرك قبل الاطلاق يكون داخل بدن الصاروخ و بمجرد اطلاقه ينزلق للاسفل و يبدأ العمل .. و تكون الاجنحة مطوية اسفل الصاروخ بحيث لا تشغل حيز من داخله ..(اجنحة kh-55 كانت تطوى داخل البدن) ..

صورة توضح تموضع المحرك TRDD-50A داخل بدن الصاروخ قبل الاطلاق .. و الاجنحة و الذيل تكون مطوية ايضاً

يمكن للقاذفة Tu-160 حمل حتى 12 صاروخ منه في حاملين دوّارين داخل بدنها يتسع كل منهما لـ 6 صواريخ .. و يمكن لـ القاذفة Tu-95ms و Tu-95msm حمل 8 صواريخ على نقاط تعليق خارجية فقط و لا يمكن للنسخ الاقدم حمله (و يتم تعديل الحامل الدوار في النسخة Tu-95msm ليمكنها حمل 6 عليه .. كون صواريخ kh-101 اطول من kh-55 .. مع مراعاة الحمولة القصوى للقاذفة) .. و بالتاكيد سيدمج صاروخ kh-101 في الغواصات الروسية Yasen و غيرها مستقبلاً .. و حينها سيكون سلاحاً مرعباً مع قدرة الغواصات من التقرب من الحدود الامريكية بصمت و خفاء ..

و قد تم تطوير نسخة مصغرة من kh-101 باسم kh-50 او kh-sd او المشروع-715 ليمكن حمله على متن القاذفات الاصغر Tu-22 و ربما حتى Su-34 (كما صاروخ JASSM الامريكي الذي يمكن ان تحمله حتى المقاتلات) .. سيكون الصاروخ الجديد شبحي ايضاً و بوزن اصغر 1600 كغ تقريباً و مدى يصل الى 1500 كم و سرعة قصوى 0.89 ماخ .. مع الاعتماد على نفس انظمة kh-101 في التوجيه و حسب المواقع الروسية انه سيكون مزود قدرات تشويش ايضاً .. و قد جرى اختبارات ثابتة (أرضية) عليه عام 2016 .. و ربما سيطور الروس مستقبلاً من صاروخ kh-101/50 نسخة مضادة للسفن كما في عائلة سابقه kh-55 الذي كان اشتق منه صاروخ kh-65se المضاد للسفن ..

الصاروخ kh-65se المضاد للسفن و هو مشتق من الصاروخ الجوال kh-55

تطوير صاروخ kh-101 كان قد استغرق وقتاً طويلاً .. حيث بدأ تطوير صاروخ kh-101 منذ 1984 و تم اختباره اول مرة بدءاً من 1998 و استمرت الاختبارات حتى 2002 .. و بدأ الانتاج التسلسلي بنفس العام 2002 .. و لكن لم يعلن عن دخولها الخدمة رسمياً حتى شهر اذار 2012 حيث اعلن وزير الدفاع الروسي حينها أناتولي سيرديوكوف عن ادخال الجيش الروسي صاروخ جوال بعيد المدى في الخدمة .. و اول استخدام قتالي حقيقي له كان في سوريا عام 2015 .. 

الصاروخ العامل بالطاقة النووية الجوّال Burevestnik

يبدو ان الروس يتبعون استراتيجية كسر التفوق العسكري الامريكي و ليس استراتيجية التوازن العسكري المجهد اقتصادياً لهم .. خاصة بوضعهم الاقتصادي الحالي .. و معظم مشاريعهم و منتجاتهم العسكرية الاخيرة تصب في استراتيجية كسر التفوق العسكري الامريكي .. على سبيل المثال لا الحصر : صاروخ Kinzhal و Zircon و الطوربيد النووي Poseidon و الصاروخ العامل بالطاقة النووية الجوّال Burevestnik .. و هذا الاخير ربما سيكون خليفة الصاروخ kh-101 .. و لكن لن يحتاج لطائرة قاذفة لاطلاقه .. بل سيكون صاروخ شبحي جوّال بمدى مفتوح يطلق من قواعد ارضية .. و ربما سيرث كثيراً من تقنيات kh-101 ايضاً ....